أحكامُ الصرفِ وبيانُ أخطائِهِ الشَّائعةِ

أحكامُ الصرفِ وبيانُ أخطائِهِ الشَّائعةِ

كتبه لؤي بن محمود الشوربجي

الحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
لما كان كثير من الناس يجهلون أحكام الصرف ؛ فيقعون في الربا تارة ، وفي فساد العقود تارة أخرى ، مست الحاجة للتعريف والبيان بما يَقِي الناس من الوقوع في الحرام ، والدخول في مَعَرَّةِ الإثم ، خصوصًا فيما تعم به البلوى ولا يكاد يُسلم منه لاضطرار الناس إليه في حياتهم ومعاشهم .
ومن هنا ؛ أردنا تعريف عامة المسلمين بالأحكام الشرعية المجملة التي تتعلق بالصرف ، مع التنبيه على بعض الأخطاء الشائعة فيه ، والتي يحسبها أغلب الناس من الأمور التي لا حرج فيها .
أولاً : تعريف الصرف :
وهو الذي تسميه العامة ” الصرافة “، وتعريفه عند الفقهاء :”بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ ، جِنْسًا بِجِنْسٍ ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسٍ ”
وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ ، فَيَشْمَل بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ ، كَمَا يَشْمَل بَيْعَ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ ، أو ما يقوم مقام الذهب والفضة كبيع الدينار الأردني بالدولار الأمريكي ، أو بيعهما بالشيكل ، وهكذا ..
ثانياً : شروط الصرف :
اعلم أن الصرف لا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى : بيع الثمن بجنسه ؛ كبيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والشيكل بالشيكل ، وهذا يشترط له ثلاثة شروط : التقابض والحلول والتماثل .
الحالة الثانية : بيع الثمن بغير جنسه ؛ كبيع الذهب بالدولار ، وبيع الدينار بالشيكل ، والدينار بالدولار ، وهذا يشترط له شرطان فقط : التقابض والحلول ، ولا يشترط فيه التماثل ، فيجوز – مثلاً – بيع كيلو ذهب بألفي دينار ، وبيع الدولار بأربعة شواكل … إلخ.
– توضيح الشروط :
1- تَقَابُضُ الْبَدَلَيْنِ : ومعناه أن يحصل التقابض في مجلس العقد قبل افتراقهما ..
2- الحلول : ومعناه عدم اشتراط الأجل كأن يقول البائع بعتك 100دولار الآن مقابل 350 شيكل غدًا .
3- التماثل : أي التكافؤ في الوزن ولا عبرة بالجيد والرديء ، وهذه الشروط متفق عليها .
رابعاً : أخطاء شائعة في الصرف .
1- أخطاء تقع كثيراً عند بيع وشراء الذهب :-
·لا يجوز بيع الذهب المستعمل بذهب جديد مع دفع الفرق:
ولكي تخلص من الربا في هذه المسألة يباع الذهب المستعمل ثم تقبض النقود يداً بيد ثم يشترى بها الذهب الجديد.

·لا يجوز بيع الذهب وشرائه إلى أجل أو بالتقسيط:
فما يفعله البعض من شراء ذهب ويدفع المبلغ بعد مدة هذا داخل في ربا النسيئة.
·لا يجوز استرجاع الذهب بعد شرائه وأخذ ذهب دونه في الثمن مع دفع الفرق لأنه بيع ذهب بذهب مع زيادة دراهم.
والطريقة الشرعية الصحيحة رد الذهب وأخذ الدراهم ثم يشتري بالدراهم ذهب أقل من ثمن الأول.
·ولا يجوز حجز الذهب بدفع بعض القيمة لأن هذا ربا نسيئة .
بل لابد من دفع قيمة الذهب كاملة لقوله- صلى الله عليه وسلم -: (فإذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا إذا كان
يداً بيد). أخرجه مسلم .

2– أخطاء تقع كثيرًا عند بيع أو شراء الأوراق النقدية ونحوها كالدينار والدولار واليورو والشيكل : –
·لا يجوز بيع الدولار القديم بدولار جديد مع دفع الفرق ، لعدم التماثل ؛ لكن لو باع القديم وقبض ثمنه ثم زاد عليه واشترى جديدًا فلا حرج .
·لا يجوز بيع 100دولار حالاً بــ 80 دينار مؤجلاً ، أو بــ 350 شيكل مؤجلاً ، وذلك لعدم توفر التقابض في مجلس العقد ، ووجود الأجل فيه .
·لو اشترى 100 دينار بــ 550 شيكل ، فأعطاه البائع 80 دينارًا على أن يعود المشتري بعد ساعة فيأخذ الباقي بطل العقد فيما لم يقبض ، لانتفاء شرطه ، فلا يجوز أن يأخذ الباقي (20 دينارًا ) إذا رجع ، لأن العقد فاسد ، بل يأخذ ما يقابلها بالشيكل ، ثم يشتري بها عشرين دينارًا ، وهو مذهب الشافعية والحنابلة ، والأفضل ألا يؤخر شيئاً من الثمن خروجًا من الخلاف.

فهذه جملة من أحكام الصرف وبعض الأخطاء الشائعة فيه ، لا يستغني عنها مسلم ، فاحرص – أخي الموحد – على تعلمها وتعليمها والعمل بها ، ونسأل الله تعالى أن يمن علينا برزق حسن وعلم نافع وعمل متقبل ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

هذا البحث النافع منقول من